يعتمد المفهوم البنائي في الخزف على الابتكار من خلال عناصر إنشائية طبيعية تبدأ مع الخط وتحركه في الفراغ لتكوين جسم ثلاثي الأبعاد تميزه خصائص الخامة من مرونة وسهولة التشكيل، ومن خلال التجسيد المادي للشكل والفراغ والحركة المتمثلة في المجسمات الخزفية كنظام بنائي لإخفاء العناصر الواقعية وظواهر الطبيعة يتحقق الإبداع الفني، وتأتي أهمية فنون وصناعة الخزف بحياة الناس من منطلق الممارسات التي تواجهها متطلبات المهارات الفنية والمهنية من احتياجات الفرد والمجتمع، والبحث في جميع المحاور والأنشطة الفنية ونشر الوعي الثقافي، وتنمية المواهب وتوجيهها للاستفادة من المجالات العلمية والتكنولوجية، ومن المتضمنة البحث في التقنيات الخاصة والخامات المستخدمة في التشكيل الخزفي، حيث إن تشكيلات فنون الخزف هي مظهر نفسي، وطبيعي، وقطري تنشأ مع الافتراضات الديناميكية الهادفة لحياة الإنسان وجميعها تتدرج تحت ظاهرة القدرة الإبداعية لإيجاد علاقة جمالية بين العناصر الطبيعية والبيئية وبين متطلبات الحياة، والانفعالات الذاتية للعوامل الشخصية.
وباستعراض الآثار التاريخية المصنوعة من الطين المحروق (الفخار) في مختلف العصور نجد نماذج وأشكال لا حصر لها مختلفة الهيئة والأحجام، بعضها زخرفي التكوين البسيط لا تكلف فيها ولا تعثر ولعل هذا من أهم أسباب الإعجاب والتقدير إلى جانب ما يغلب عليها من لمسة فطرية تدفعنا إلى الحنين والعودة إلى ذكريات الطفولة وتوضح لنا أنها الأساس الأول للتشكيل الفني في العصر الحديث. وإذا راقبنا ما ينتجه صناع الفخار الشعبي على عجلة الخزاف (الدولاب) لوجدناهم ينفذون أعمال فنية تلقائية مختلفة، يرفهون بها عن أنفسهم في كثير من الأوقات وقد عني بعض الفنانين في العصر الحديث باقتناء بعض النماذج واستكمالها بألوان الطلاءات الزجاجية وغيرها.
كما حرص صناع الفخار بمصر القديمة (الفسطاط) بتذليل ما يصادفهم من عقبات والسرعة الفائقة في الإنتاج، والتى ترتب عليها الشهرة العالمية والتاريخية لمدينة الفسطاط، وقد ظل أهلها يعملون في الفخار الشعبي، وقد عثر بين أطلال تلك المدينة على بعض الأفران الخزفية، وكميات من المواد والخامات المجهزة للاستعمال وبعض الأدوات الخاصة برص الأواني داخل الأفران، إلى جانب بعض النماذج الخزفية المتنوعة مما يؤكد أن (الفسطاط) كانت مركزاً فنياً وصناعياً للخزف الشعبي حتى الآن وتعرف بمدينة الفخار. ومن جانب آخر ومع هذه الظاهرة الإبداعية للفنون التلقائية تتعدد الأساليب الفنية في الإنتاج الخزفي وبناء الأفران طبقا للمعرفة الوراثية مع استخدام الوقود من خشب القطن، ومعايشة الصبر في عمليات نضج الفخاريات في الأفران والتي قد تستغرق الساعات والأيام بين التسخين والنضج والتبريد والتفريغ للحصول على نتاج فني له صفة الإبداع في مجال الفخار والخزف بين الظواهر الطبيعية للحياة.
ترتبط العمليات الفنية في تصميم الخزف بعوامل تحكمها الأسس والنظريات الإبداعية للفكر الإنساني واعتبارات الخامة وخواصها الكيميائية والطبيعية، والمدى الحراري المناسب لنوعية المنتج الخزفي يتحدد من خلالها النوعية والمضمون في الشكل ووظائفه، كما أن الأسلوب التقني المستخدم في التطبيق من العوامل المساعدة والمؤثرة في القيم الجمالية والوظيفية للتصميم الخزفي، ونجد أن التأثيرات والملابس اللوفية من الجوانب الهامة في التصميم الخزفي والعلاقات الجمالية الخاصة للمسطحات والأجسام الخزفية وبما يلازمها من تقنيات دقيقة في تصميم مكونات خلطات الألوان وأساليب تحضيرها ووسائل التطبيق والمعاملات الحرارية الخاصة.
ونجد أن التشكيلات اللونية في الخزف تعتمد على الطينات والخامات التى يتكون منها الجسم (مسامي أو غير مساسي، ملون أو غير ملون)، والطلاءات الزجاجية وما تحتويه من مركبات معتمة أو شفافة، وملونة أو غير ملونة، ولامعة أو غير لامعة.أما الطينات الخزفية فتختلف عن بعضها البعض بدرجات النقاء، وخلوها من الشوائب ونسب وجود المواد العضوية والأملاح الذاتية فيها، كما أن وجود أملاح البوتاسيوم والصوديوم بمقادير مناسبة يفيد في نعومة السطح ويساعد على ثبات وارتباط طبقات التزجيج ولا يؤثر في لون الجسم، وقد يعطي أحياناً تأثيرات لونية خاصة عند تعاملها مع الأكاسيد المعدنية في الطلاء الزجاجي أثناء عملية النضج.
وإذا نظرنا إلى بعض أملاح الكالسيوم والمغنيسيوم نكتشف أن تواجدهم بكثافة قد يتسبب في أضرار ملحوظة على سطح الجسم الخزفي في صورة تشويه، وطبقات من الفقاقيع، وبتجديد نسبة إضافتهما بما يتناسب مع درجة نعومة الحبيبات الطينية، والمعاملات الخاصة يتحقق بعض التأثيرات والملامس اللونية ذات الصفات الجمالية المنشودة.ونجد أيضاً أن الحديد وأكاسيده له من المؤثرات الإيجابية في معالجة المسطحات الخزفية، إلا أن نسبة إضافتهما في الطينات والطلاءات الزجاجية واختلاف درجات الحرارة، وتفاعلاتها مع الخامات والأكاسيد الأخرى، تظهر التنوع في المعاملات اللونية وتأثيرها على ملمس منتجات الخزف. كما أن زيادة نسبة مكونات الطينات والأكاسيد، أو قلتها تؤثر في عموميات الشكل والمسطح الخزفي، وتقوم بدور فعال في التأثيرات اللونية، وموضع اهتمام لإظهار التجانس والألفة بعد المعاملات الحرارية.
Bookmarks